فقد ثبت أن جبريل كان يأتيه في صورة دحية الكلبي (١)، كما أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول». زاد أبو عوانة: «وهو أهونه عليه».
وفي الصحيح روى عمر بن الخطاب نزول جبريل بهيئة رجل، فعنه رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام... الحديث. يقول عمر: ثم انطلق، فلبثت مليا، ثم قال صلّى الله عليه وسلّم: «يا عمر أتدري من السائل؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» رواه مسلم (٢).
رابعها: أن يأتيه جبريل في مثل صلصلة الجرس، وكان أشدّه عليه، وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل عليه الوحي سمع عند دويّ كدوي النحل، فسماع الدوي بالنسبة للحاضرين كما شبهه به عمر بن الخطاب، والصلصلة بالنسبة إليه كما شبهه به صلّى الله عليه وسلّم بالنسبة إلى مقامه، فقد كان شديدا على نفسه حتى إن جبينه ليتفصّد عرقا في اليوم الشديد البرد، وحتى إن راحلته لتبرك به إلى الأرض (٣).
ولقد جاءه الوحي مرة كذلك وفخذه على فخذ زيد بن ثابت، فثقلت عليه حتى كادت ترضّها (٤).
(٢) مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ١/ ٣٦ ح (٨) (١).
(٣) رواه البيهقي في الدلائل في حديث عائشة بلفظ «وإن كان ليوحى إليه وهو على رأس ناقته فتضرب جرانها من ثقل ما يوحى إليه» وانظر مسند أحمد ٦/ ١١٨ و ٦/ ٤٥٥.
(٤) البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.. ح (٤٥٩٢).