هذا الرأي لم يلق استحسانا عند بعض العلماء كالشيخ محمد عبده والأستاذ الدكتور إبراهيم خليفة رئيس قسم التفسير بالأزهر.
أما الإمام محمد عبده فقال في تفسيره جزء عم: (إن ما جاء من الآثار الدالة على نزوله جملة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا، مما لا يصح معه الاعتماد عليه، لعدم تواتر خبره عن النبي صلّى الله عليه وسلّم- وأنه لا يجوز الأخذ بالظن في عقيدة مثل هذه، وإلا كان اتباعا للظنّ).
أما الأستاذ الدكتور إبراهيم خليفة فقال:
(أقول أقصى وأعظم ما استمسك به أصحاب هذا القول هو الآثار التي مدار الأمر فيها جميعا على ابن عباس رضي الله عنهما، وأن حق هذه الآثار أن تعطى حكم المرفوع إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، ونحن لا ننازعهم أولا في ثبوت هذه الآثار عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولا ننازعهم ثانيا في توافر أحد الشرطين بالفعل هنا، وهو كون قول الصحابي في أمر ليس للرأي فيه مدخل، فإن تعيين مكان بالذات في السماء، وتسميته ببيت العزة هو حقا أمر من أمور الغيب التي لا يمكن أن تدرك مثلها بالرأي، ولكنا ننازعهم في توافر ثاني الشرطين اللذين لا بد منهما مجتمعين لإعطاء قول الصحابي حكم المرفوع، وهو كون الصحابي لم يعرف بالأخذ من الإسرائيليات حين يكون لقوله صلة مما لدى بني إسرائيل).
ولكنا لا نسلم أن ابن عباس لم يعرف بالأخذ من الإسرائيليات بالرغم من نهيه الصريح عن الأخذ بها.
أخرج البخاري عنه في كتاب الشهادات قال: (يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي نزل على نبيه صلّى الله عليه وسلّم أحدث الأخبار بالله تقرءونه لم يشب؟
وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدّلوا ما كتب الله، وغيّروا بأيديهم الكتاب، فقالوا:
هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، أفلا ينهاكم بعد ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم؟ ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم) (١) اه.

(١) صحيح البخاري. كتاب الشهادات، باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها ح (٢٦٨٥).


الصفحة التالية
Icon