الجرادة امرأته وكانت أحب نسائه إليه، فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها:
هاتي خاتمي، فأعطته إياه، فلما لبسه دانت له الإنس والجن والشياطين، فلما خرج سليمان عليه السلام من الخلاء، وقال لها: هاتي خاتمي، قالت: قد أعطيته سليمان، قال: أنا سليمان، قالت: كذبت ما أنت بسليمان، فجعل لا يأتي أحدا يقول له: أنا سليمان إلا كذبه حتى جعل الصبيان يرمونه بالحجارة، فلما رأى ذلك سليمان عرف أنه من أمر الله عز وجل، قال: وقام الشيطان يحكم بين الناس، فلما أراد الله تبارك وتعالى أن يرد على سليمان سلطانه، ألقى في قلوب الناس إنكار ذلك الشيطان، قال: فأرسلوا إلى نساء سليمان فقالوا لهن: أتنكرن من سليمان شيئا، قلن: نعم إنه يأتينا ونحن حيض،... إلخ (١).
أما المثال الثاني: فأورده ابن كثير- أيضا- في تفسيره (٢) ما جاء عنه في شأن الملكين والمرأة التي مسخت فكانت كوكب الزهرة، روى عن ابن عباس من قصة طويلة أن هاروت وماروت هبطا إلى الأرض، وجعل لهما شهوات بني آدم، وأمرهما الله أن يعبداه ولا يشركا به شيئا، ونهيا عن قتل النفس الحرام، وأكل المال الحرام، وعن الزنا والسرقة وشرب الخمر، فلبثا في الأرض زمانا يحكمان بين الناس بالحق، وذلك في زمن إدريس عليه السلام، وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب، وأنهما أتيا عليها، فخضعا لها في القول، وراوداها عن نفسها، فأبت إلا أن يكونا على أمرها وعلى دينها، فسألاها عن دينها، فأخرجت لهما صنما فقالت: هذا أعبده، فقالا: لا حاجة لنا في عبادة هذا، فذهبا فغبرا ما شاء الله، ثم أتيا عليها، فراوداها عن نفسها، ففعلت مثل ذلك، فذهبا ثم أتيا عليها، فراوداها عن نفسها، فلما رأت أنهما أبيا أن يعبدا الصنم، قالت لهما: اختارا إحدى الخلال الثلاث: إما أن تعبدا هذا الصنم، وإمّا أن تقتلا هذه النفس، وإمّا أن تشربا هذه الخمر.
فقالا: كل هذا لا ينبغي، وأهون هذا شرب الخمر، فشربا، فأخذت فيهما، فواقعا المرأة، فخشيا أن يخبر الإنسان عنهما فقتلاه، فلما ذهب عنهما السكر، وعلما ما
(٢) المرجع السابق ٤/ ١٤٤.