وهو فى كل ذلك ينسب البيت إلى صاحبه، وقد يذكر المناسبة التى قيلت فيه، زيادة فى البيان، وربما ذكر أكثر من شاهد على ما يذهب إليه سعيا إلى توكيد عموم الاستخدام واطراده، لا حالة قائمة بذاتها.
وشواهده- كما رأينا- تمثل عصور الاحتجاج" الجاهلى وصدر الإسلام والأموى" والتى عليها علماء اللغة وفنونها المختلفة من حيث الاحتجاج بها ما دامت خالصة من الشوائب والاختلاط، وبقى لها صفاؤها الذى نقلته الأجيال، حريصة عليه، حارسة له.
وابن عاشور فيما نقله من شواهد نجده لم يحتج بأبيات مجهولة، كما أنه لم يحتج ببيت أو أكثر على روايات مختلفة تطرق إليها الاحتمال، أو تلجأ إليها الضرورة الشعرية، كما أن استخدامه لهذه الشواهد آزره الاحتجاج بنصوص قرآنية، وأمثال عرفها التراث العربى الجاهلى من الكلام الفصيح.
ومن شعراء ما بعد عصور الاحتجاج الذين جاء ابن عاشور بذكرهم:
المتنبى، وأبو العلاء المعرى، وابن العميد، والحسن بن طباطبا، وابن الرومى، وأبو فراس الحمدانى، وأبو تمام... وغيرهم.
ومن خلال الأمثلة التالية يمكن التعرف على المواطن التى استعان ابن عاشور فيها بشعر هؤلاء، أو بغيرهم ممن جاءوا بعد عصور الاحتجاج:
ذكر فى معنى" العبادة" وسرها وتأثيرها عند تفسير قوله تعالى:
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (سورة الفاتحة: الآية ٥).
«لا شك أن داعى العبادة التعظيم والإجلال، وهو إما عن محبة أو عن خوف، وأهمه ما كان عن محبة لأنه يرضى نفس فاعله، قال:
أهابك إجلالا وما بك قدرة... علىّ ولكن ملء عين حبيبها


الصفحة التالية
Icon