نقيضه تعينت له الغيرية، فصارت صفة ثابتة له غير منتقلة، ويوضح ذلك بهذين المثالين: فقولك (عليك بالحركة غير السكون)، هو غير قولك (مررت بزيد غير عمرو)، فالحركة ضد السكون، أو هى غير السكون، أو نقيضها تماما، وله صفة الثبات ولا تنتقل إلى غير هذه الصفة.
أما فى المثال الثانى: فعمرو فى هذا المثال لا تتحقق له الصفة الثابتة اللازمة للنقيض التام، وعلى ذلك فإن قوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ من النوع الأول، لأنه مع قوله تعالى: الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ يتناقض تماما فى المعنى المقصود.
وكان ابن عاشور فى تتبعه لأقوال النحاة والمفسرين خصوصا الزمخشرى لا ينى أبدا عن إبداء رأيه فى هذه الأقوال مهما كان الإجماع عليها من رجال المدرسة الواحدة،
أو مع غيرها من المدارس النحوية الأخرى، مقيما الدليل على ما يذهب إليه من القرآن أو الشعر العربى القديم أو ما ذكره العلماء، ولم يعتمد ابن عاشور كثيرا على أقوال النحاة ولا المفسرين فى" الإعراب"، وما أتى به من هذه الأقوال كانت تجد منه معارضة فى أحايين كثيرة مع تقديم الدليل على صحة ما يذهب إليه، وكان يذكر دائما: «والرأى عندى، وعندى، والذى أراه».
أما اعتماده الأكبر فى" الإعراب" فكان على ثقافته الواسعة وعمق درايته بهذا الفن.
ومن المشكلات الإعرابية التى تعرض لها فى الإعراب ما جاء فى تفسير قوله تعالى: لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ


الصفحة التالية
Icon