وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (سورة النساء: الآية ١٦٢).
«وعطف" المقيمين" بالنصب ثبت فى المصحف الإمام، وقرأه المسلمون فى الأقطار دون نكير، فعلمنا أنه طريقة عربية فى عطف الأسماء الدالة على صفات المحامد على أمثالها، فيجوز فى بعض المعطوفات النصب على التخصيص بالمدح، والرفع على الاستئناف للاهتمام، كما فعلوا ذلك فى النعوت المتتابعة سواء كانت بدون عطف أم بعطف، كقوله تعالى: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ إلى قوله وَالصَّابِرِينَ (١)، قال سيبويه فى كتابه" باب ما ينتظم فى التعظيم والمدح": وإن شئت جعلته صفة فجرى على الأول، وإن شئت قطعته فابتدأته، وذكر من قبيل ما نحن بصدده هذه الآية، فقال: «فلو كان كله رفعا كان جيدا، ومثله: «والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين فى البأساء والضراء» ونظيره قول الخرنق:
لا يبعدن قومى الذين همو... سمّ العداة وآفة الجزر
النازلون بكل معترك... والطيبيين معاقد الأزر
وفى رواية يونس عن العرب، يرفع" النازلون" ونصب" الطيبين" لتكون نظير هذه الآية، والظاهر أن هذا ما يجرى وقوعه فى القرآن فى معطوفات متتابعات كما فى سورة البقرة، وفى هذه الآية، وفى قوله فى" الصائبون فى سورة المائدة" (٢).

(١) ونصه: «ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة، والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين فى البأساء والضراء.. ». (سورة البقرة: الآية ١٧٧).
(٢) التحرير والتنوير، ج ٦، ص ٢٩.


الصفحة التالية
Icon