وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ (١)، وقوله: وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢).
ولذلك فنحن نحاول تفصيل شىء مما أحاط به علمنا من وجوه الإعجاز، نرى من أفانين الكلام الالتفات وهو نقل الكلام من أحد طرق التكلم أو الخطاب أو الغيبة إلى طريق آخر منها، وهو بمجرده معدود من الفصاحة، وسماه ابن جنى شجاعة العربية لأن ذلك التغيير يجدد نشاط السامع، فإذا انضم إليه اعتبار لطيف يناسب الانتقال إلى ما انتقل إليه صار من أفانين البلاغة، وكان معدودا عند بلغاء العرب من النفائس، وقد جاء منه فى القرآن ما لا يحصى كثرة مع دقة المناسبة فى الانتقال.
وكان للتشبيه والاستعارة عند القوم المكان القصى والقدر العلى فى باب البلاغة، وبه فاق امرؤ القيس ونبهت سمعته، وقد جاء فى القرآن من التشبيه والاستعارة ما أعجز العرب كقوله: وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً (٣)، وقوله:
وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ (٤)، وقوله: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ (٥)،

(١) سورة العنكبوت: الآية ٤٣.
(٢) سورة إبراهيم: الآية ٢٥.
(٣) سورة مريم: الآية ٤.
وانظر التحرير والتنوير، ج ١، ص ١٠٩.
وانظر د. أحمد المطلوب، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، ج ٢، ص ١٧٠، ط ١، المجمع العلمى العراقى، ١٤٠٣ هـ- ١٩٨٣ م.
(٤) سورة الإسراء: الآية ٢٤.
(٥) سورة يس: الآية ٣٧.


الصفحة التالية
Icon