هذا بعض ما جاء فى هذه المقدمة.
وشأن المعجزة القرآنية ووجوه الإعجاز فيها تتعدد أسبابه ولا تنتهى عند حد، وأياما كان الكلام حولها، والدراسات التى قامت بشأنها، والجهود التى بذلها العلماء المتخصصون من أهل البلاغة كالباقلانى والرمانى وعبد القاهر وعياض والسكاكى والقزوينى وابن الأثير وغيرهم، أو من أهل التفسير كالزمخشرى والفخر الرازى والطبرسى والألوسي وغيرهم، ومحاولاتهم الاقتراب من كشف أسرار بدائع نظم القرآن وتراكيبه المميزة عن سائر الكلام، والحقائق التى تضمنها والشرائع التى اشتمل عليها، وتأثيره فى النفوس والقلوب والأسماع والأرواح.
كل ذلك وغيره يمكن اعتباره بحثا متجددا عن سر عظمة القرآن، حتى يمكن القول أن لكل عصر كشوفا تضاف إلى جهود السابقين، وتهدى من بعدهم لإضافة الجديد من
هذه الكشوفات.
ودليلنا على ذلك ما قدم به ابن عاشور المعجزة الخالدة فى مقدمته المذكورة، حيث تناول بعض وجوه الإعجاز فى الكتاب الكريم فى اللفظ والمعنى والصياغة والتركيب وألوان البديع... إلخ، ثم راح فى ثنايا كتابه يذكر أقوال السابقين من أهل البلاغة والتفسير يقبل بعضها ويناقش ويرفض بعضها الآخر، ويسجل ما غفل عنه هؤلاء، ويأتى بالجديد من وجوه الإعجاز الكامنة فى القرآن رافضا مبدأ الصرفة التى قال به بعض المعتزلة وعلى رأسهم النظام الاعتزالى. وبعض الأعلام الآخرين الذين سبق ذكرهم.
وقد قرأنا فى الباب الأول من هذه الدراسة بعض مصادر البلاغة فى التحرير والتنوير، وقد جاء ذكر أصحاب هذه المصادر على درجات متفاوتة، وأكثر الأقوال ذكرا فى هذا التفسير كانت للجاحظ والباقلانى وعبد القاهر


الصفحة التالية
Icon