فالمساواة أن يقال: يحيق المكر السيئ بالماكرين دون غيرهم، فما عدل عن ذلك إلى صيغة القصر فقد سلك طريقة الإيجاز.
وفيه أيضا حذف مضاف إذ التقدير: ولا يحيق ضر بالمكر السيئ إلا بأهله، على أن فى قوله" بأهله" إيجازا لأنه عوض عن أن يقال: بالذين تقلدوه، والوجه أن المساواة لم تقع فى القرآن وإنما مواقعها فى محادثات الناس التى لا يعبأ فيها بمراعاة آداب اللغة» (١).

ومعارضته هنا تتمثل فى جعل قوله تعالى فى علم المعانى مثالا للكلام الجارى على أسلوب المساواة دون إيجاز ولا إطناب، وأول من مثّل بهذه الآية على المساواة هو الخطيب ، ويتساءل ابن عاشور من أين أخذه القزوينى على الرغم من عدم ذكر عبد القاهر له، وأما عن تعريف صاحب المفتاح للمساواة" وإنه لا يحمد ولا يذم" يقول
عن مضمونه ابن عاشور: لا يقع فى الكلام البليغ فا بالك لو كان معجزا، ومن ثم يتعجب عن موافقة التفتازاني على ذلك، وراح صاحب التحرير والتنوير ينفى أن تكون فى الآية مساواة فهى ذات قصر" لا- إلا" وهو من الإيجاز لأنه يقوم مقام جملتين" إثبات ونفى"، وفيها أيضا حذف مضاف" ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فضلا عما يعود إليه الضمير فى" بأهله".
وبلاغة القرآن تبعا لهذا لم تشمل المساواة، فمكانها فى المحادثات التى تقع بين الناس حيث لا تراعى فيها آداب اللغة.
وفى قوله تعالى:
سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (سورة القلم: الآية ١٦).
(١) التحرير والتنوير، ج ٢٢، ص ٣٣٦.


الصفحة التالية
Icon