جميعا، وقد رأيناه فى المثال السابق يذهب إلى تأييد ما أجمع عليه الفقهاء من أهل السنة دون تعصب أو هجوم على من خالفهم.
ذكر فى تفسير قوله تعالى:
وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا (سورة النساء: الآية ٢٢).
«وقد اختلف الفقهاء فيمن زنى بامرأة هل تحرم على ابنه أو على أبيه، فالذى ذهب إليه مالك فى الموطأ والشافعى: أن الزنى لا ينشر الحرمة، وهذا الذى حكاه الشيخ أبو محمد بن أبى زيد فى الرسالة، ويروى ذلك عن عكرمة عن ابن عباس، وهو قول الزهرى وربيعة، والليث. وقال أبو حنيفة، وابن الماجشون من أصحاب مالك: الزنى ينشر الحرمة. قال ابن الماجشون: مات مالك على هذا. وهو قول الأوزاعى والثورى، وقال ابن المواز: هو مكروه، ووقع فى المدونة (يفارقها) فحمله الأكثر على الوجوب، وتأوله بعضهم على الكراهة، وهذه المسألة جرت فيها مناظرة بين الشافعى ومحمد بن الحسن أشار إليها الجصاص فى أحكامه، والفخر فى مفاتيح الغيب وهى طويلة» (١).
ووجوه الخلاف هنا حول" الزنى والحرمة" فيما ذهب إليه مالك والشافعى، ما جاء فى" الرسالة" وما يروى عن عكرمة عن ابن عباس، وقول الزهرى وربيعة والليث فى أن الزنا" ينشر الحرمة"، وما قال به أبو حنيفة وابن ماجشون وقوله مات مالك على" الزنا ينشر الحرمة" فضلا عن قول ابن المواز" هو مكروه" وما وقع فى المدونة، والأكثر على الوجوب، وما تأوله بعضهم على الكراهة، وابن عاشور بعد عرضه لكل ذلك يقول:

(١) التحرير والتنوير، ج ٤، ص ٢٩٠.


الصفحة التالية
Icon