ذكر ابن عاشور:
«وأخبر عنها خبرا ثابتا بقوله" إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ، وظاهر لفظ" ناظِرَةٌ" أنه من نظر بمعنى، عاين ببصره إعلانا بتشريف تلك الوجوه أنها تنظر إلى جانب الله تعالى نظرا خاصا لا يشاركها فيه من يكون دون رتبهم، فهذا معنى الآية بإجماله ثابت بظاهر القرآن وقد أيدتها الأخبار الصحيحة عن النبى صلى الله عليه وسلم.
فقد روى البخارى ومسلم عن أبى سعيد الخدرى وأبى هريرة" أن أناسا قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تضارون فى رؤية الشمس والقمر إذا كان صحوا؟ قلنا: لا: قال: فإنكم لا تضارون فى رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون فى رؤيتهما" وفى رواية" فإنكم ترونه كذلك" وساق الحديث فى الشفاعة.
وروى البخارى عن جرير بن عبد الله قال:" كنا جلوسا عند النبى ﷺ إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال: أنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون فى رؤيته" وبما قال" سترون ربكم عيانا".
" روى مسلم عن صهيب بن سنان عن النبى ﷺ قال:" إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟
فيقولون: ألم تبين وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار، وقال: فيكشف الحجاب فما يعطون شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم" فدلالة الآية على أن المؤمنين يرون بأبصارهم رؤية متعلقة بذات الله على الإجمال دلالة ظنية لاحتمالها تأويلات تأولها المعتزلة بأن المقصود رؤية جلاله، وبهمة قدسه التى لا تخول رؤيتها لغير أهل السعادة. ويلحق هذا بمتشابه الصفات، وإن كان مقتضاه ليس إثبات صفة، ولكنه يؤول إلى الصفة ويستلزمها لأنه آيل إلى


الصفحة التالية
Icon