أما قول المعتزلة: «فلا جرم أن بعد الوعد برؤية أهل الجنة ربهم تعالى من قبيل المتشابه» (١) فقول مردود تفنده روايات البخارى ومسلم، كما أن" الرؤية" مرتبة
تشريف وجزاء للمؤمنين الذين ابيضت وجوههم، ولا شىء أحب إليهم من النظر إلى ربهم، ولا يعقل أن يكون هذا الجزاء الكريم مما يغمض على الأذهان أو القلوب التى تسعى إلى هذه الرتبة.
أما قوله عن علماء الإسلام الذين لم يروا طريقة السلف مقنعة لأفهام أهل العلم من الخلف:
" فسلكوا مسالك الجمع بين المتعارضات من أقوال ومعان وإقرار كل حقيقة فى نصابها، وذلك بالتأويل الذى يقتضيه المقتضى يعضده الدليل....
ولكنهم لا يفصلون صرفها عن ظواهرها بل يجملون التأويل".
فهى مسالك قد وضعوا لها معايير لتفسير أمثال هذه الآية وتبعد بها عن التأويلات التى تخرجها عن معناها المقصود الذى يخاطب الله به عباده.
... ومما أورده ابن عاشور من معان وروايات وأقوال مما يصح اعتباره أنه من نقاط الخلاف بينه وبين المذهب الاعتزالى.
جاء فى الكشاف فى تفسير هذه الآية:" إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ" أن المؤمنين نظارة ذلك اليوم لأنهم الآمنون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون،

(١) فيما ورد من أقوال عن المحكم والمتشابه:
أ- المحكم: ما عرف المراد منه، والمتشابه: ما استأثر الله بعلمه.
ب- المحكم: ما لا يحتمل إلا وجها واحدا، والمتشابه ما احتمل أوجها.
ج- المحكم: ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان، والمتشابه: ما لا يستقل بنفسه واحتاج إلى بيان برده إلى غيره. الشيخ مناع القطان مباحث فى علوم ص ٢١٦ مؤسسة الرسالة بيروت- لبنان ط ٢٢. راجع" رسائل ابن تميمة" عن المحكم والمتشابه والتأويل.


الصفحة التالية
Icon