فاختصاصه بنظرهم إليه لو كان منظور إليه محال، فوجب حمله على معنى الاختصاص، والذى يصح معه أن يكون من قول الناس: أنا إلى فلان ناظر ما يصنع بى، يريد معنى التوقع والرجاء» (١).
والزمخشرى ينفى الرؤية، ويصرف المعنى إلى الاختصاص الذى يتضمن التوقع والرجاء، وهو على النقيض مما ذهب إليه ابن عاشور نفسه حين قال فى صدر تفسير هذه الآية" لأنه من نظر بمعنى عاين ببصره"
والآية السابقة، والأحاديث التى ساقها ابن عاشور فى تفسيره لها تذهب إلى أن" الرؤية" رؤية معاينة، ولكنها لم تذهب إلى" كيف" والإيمان بها- والله أعلم- على هذا النحو واجب، وهو ما قصده علماء الإسلام الذين تحدث عنهم ابن عاشور فيما سبق أنهم" يجملون التأويل".
وفى معنى" اليمين" ذكر ابن عاشور فى تفسير قوله تعالى:
وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٢).
والباء فى" بِيَمِينِهِ" للآلة والسببية. واليمين: وصف لليد ولا يد هنا وإنما هى كناية عن القدرة لأن العمل يكون باليد اليمين، قال الشاعر أنشده الفراء والمبرد، وقال القرطبى:

ولما رأيت الشمس أشرق نورها تناولت منها حاجتى بيمين
أى بقدرة. وضمير (منها) يعود على مذكور فى أبيات قبله.
والمقصود من هاتين الجملتين تمثيل عظمة الله تعالى بحال من أخذ
(١) الكشاف، المجلد الرابع، ص ١٩٢ دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت- لبنان.
(٢) سورة الزمر الآية ٦٧.


الصفحة التالية
Icon