الفصل الأول ماذا عن تفسير الصحابة؟
ذهب بعض العلماء- وعلى رأسهم ابن تيمية- إلى القول بأن النبي ﷺ فسّر القرآن كله، ودليلهم على ذلك قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (١).
وذهب بعض العلماء إلى القول بأن النبي ﷺ لم يفسّر جميع القرآن، بل فسّر آيات منه، وإلّا فأين هو التفسير النبوي الكامل للقرآن؟!
لكن الحقيقة هي ما ذهب إليه الفريق الوسط، ومنهم الشيخ محمد متولي شعراوي، وذلك حين ميز بين آيات الأحكام والآيات الكونية، فقال:
(لم يفسّر لنا رسول الله ﷺ القرآن، لأنه لو فسّره بالأشياء التي ستوجد في القرن العشرين أو الثلاثين أو الأربعين لتعجّب معاصروه أيّما تعجّب، ولاستعظموه أيّما استعظام، لأنه للآن ما زال أناس ينكرون أن الأرض كرة تدور، ولو أنه ﷺ فسّره على قدر عقل معاصريه ومعلوماتهم الكونية لحجّر علينا ولجمد القرآن، لأنه من يتصدّر لتفسير القرآن بعد ذلك سيواجه بأن الرسول فسّره هكذا، وعليك ألا تزيد عن ذلك، ولذلك فرسول الله ﷺ ترك تفسير القرآن حتى تأخذ كل مرحلة