فكرية من لمحات القرآن بقدر ما تستطيع، وذلك في أمور الكونيات، أما المطلوب من الأحكام فقد بيّنها صلوات الله عليه وأوضحها للناس) (١).
وهكذا تلقّف الصحابة الكرام القرآن وتفسيره من النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ليس التفسير التفصيلي، إنما المجمل والذي يهتم بالظواهر والأحكام، دون البحث عن معرفة دقائق القرآن الباطنة.
ونظرا لتفاوت الصحابة في العلم باللغة العربية، ونظرا لبعد البعض عن النبي صلوات الله عليه وانهماكهم بالزراعة والتجارة ونحو ذلك، بينما فرّغ بعضهم نفسه فلازم النبي في حلّه وترحاله، ونظرا لتفاوت الصحابة في الدرجة العلمية والمواهب العقلية، لذلك كله نجد أنهم تفاوتوا في فهم القرآن الكريم.
ولذلك كان بعض الصحابة يستشكل آيات من القرآن، فلا يفهم المراد منها.
وكان بعضهم يخفى عليه مفردات اللغة فلا يفهم المقاصد القرآنية.
دليل ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه: قرأ عمر رضي الله عنه على المنبر قوله تعالى: (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) (٢)، فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها، فما الأبّ؟ ثم رجع إلى نفسه فقال: إن هذا لهو التكلّف يا عمر!! (٣).
ومن ذلك ما أخرجه أبو عبيدة من طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت لا أدري ما معنى (فاطر السموات) حتى

(١) القرآن والتفسير: ١١١ - ١١٢.
(٢) عبس: ٣١.
(٣) الإتقان في علوم القرآن للسيوطي: ٢/ ١١٣.


الصفحة التالية
Icon