مثال ذلك ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت الآية:
(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (١) شق ذلك على الصحابة، فقالوا: يا رسول الله؟ وأينا لا يظلم نفسه؟ قال:
«إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٢) إنما هو الشرك» (٣).
ومثاله ما روت عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من نوقش الحساب عذّب».
قلت: أليس يقول الله تعالى: (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) (٤)؟
قال: «ليس ذاك الحساب، وإنما ذاك العرض» (٥).
ومثاله: ما رواه عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول وهو على المنبر: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ (٦) «ألا وإن القوة الرمي، ألا وإن القوة الرمي، إلا وإن القوة الرمي» (٧).
ولكن بعد أن انتقل النبي ﷺ إلى الرفيق الأعلى، نشأ في الإسلام جيل من أبناء الصحابة وغيرهم من العرب لم يحضروا نزول الوحي، ولم يتعرفوا على أسباب النزول، ودخل عدد كبير من غير العرب في دين الإسلام.
كل ذلك أدى إلى ظهور الحاجة الماسّة؛ ليتصدر أعلام الصحابة لتفسير بعض الآيات التي لم يفسّرها النبي صلى الله عليه وسلم.

(١) الأنعام: ٨٢.
(٢) لقمان: ١٣.
(٣) سنن الترمذي: ٤/ ٢٢٧، مسند الإمام أحمد: ١/ ٣٧٨.
(٤) الانشقاق: ٨.
(٥) صحيح البخاري: ١/ ٣٤.
(٦) الأنفال: ٦٠.
(٧) صحيح مسلم: ٦/ ٥٢.


الصفحة التالية
Icon