وفي هذا القسم ورد قوله صلى الله عليه وسلم: «بلّغوا عني ولو آية، وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «أي لا ضيق عليكم في الحديث عنهم، لأنه كان تقدم منه صلوات الله عليه الزجر عن الأخذ عنهم، والنظر في كتبهم، ثم حصل التوسّع في ذلك، وكان النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية، والقواعد الدينية، خشية الفتنة، ثم لما زال المحذور وقع الإذن في ذلك، لما في سماع الأخبار التي كانت في زمنهم من الاعتبار» (١).
القسم الثاني:
ما علمنا كذبه مما عندنا ما يخالفه، وذلك مثل: ما ذكروه في قصص الأنبياء، من أخبار تطعن في عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كقصة يوسف، وداود، وسليمان عليهم السلام، ومثل:
ما ذكروه في توراتهم من أن الذبيح إسحاق، لا إسماعيل، فهذا لا تجوز روايته وذكره إلا مقترنا ببيان كذبه، وأنه مما حرّفوه، وبدّلوه، قال تعالى: (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) (٢).
وهذا القسم: ورد النهي عن النبي ﷺ للصحابة عن روايته، والزجر عن أخذه عنهم، وسؤالهم عنه، قال الإمام مالك رحمه الله في حديث: «حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» المراد: جواز التحديث عنهم بما كان من أمر حسن، أما ما علم كذبه فلا.
ولعل هذا هو المراد من قول ابن عباس رضي الله عنهما: (يا معشر

(١) فتح الباري شرح صحيح البخاري: ٦/ ٣٨٨.
(٢) المائدة: ٤١.


الصفحة التالية
Icon