تعرضت لكل ذلك وأكثر منه، فأبانت أن الجنة في عدن شرقا، وأن الشجرة التي نهينا عنها كانت في وسط الجنة، وأنها شجرة الحياة، وأنها شجرة معرفة الخير والشر، وأن الذي خاطب حوّاء هو الحيّة، وذكرت ما انتقم الله به من الحية التي تقمصها إبليس، بأن جعلها تسعى على بطنها وتأكل التراب، وانتقم من حوّاء بتعبها هي ونسلها في حبلها.. إلى آخر ما ذكر فيها مما يتعلّق بهذه القصة.. (١).
وقد قلنا سابقا: إن الصحابة الكرام لم يأخذوا عن أهل الكتاب إلا اليسير، وذلك في الأمور التي لا تتعلق بالعقيدة، ولا الأحكام.
وبالتالي، فقد كان الصحابة لا يقبلون كل ما جاء من أهل الكتاب بل كانوا يتخيرون الصواب ما استطاعوا ويردّون على أهل الكتاب أقوالهم، إن كانت لا توافق وجه الصواب.
أما التابعون فقد توسّعوا في الأخذ عن أهل الكتاب، فكثرت على عهدهم الروايات الإسرائيلية في التفسير، ويرجع ذلك لكثرة من دخل من أهل الكتاب في الإسلام، وميل نفوس القوم لسماع التفاصيل عما يشير إليه القرآن من أحداث يهودية أو نصرانية، فظهرت في هذا العهد جماعة من المفسرين أرادوا أن يسدّوا هذه الثغرات القائمة في التفسير بما هو موجود عند اليهود والنصارى، فحشوا التفسير في كثير من التفسير بكثير من القصص المتناقض.

ومن هؤلاء مقاتل بن سليمان (ت ١٥٠ هـ) الذي نسبه أبو حاتم إلى أنه استقى علومه بالقرآن من اليهود والنصارى، وجعلها موافقة لما في كتبهم.. ) (٢) وقد وقف الدكتور الذهبي في تحديد أقطاب الروايات الإسرائيلية، بحيث يؤكّد الدكتور على أن أغلب ما هو موجود من
(١) التفسير والمفسرون: ١/ ١٦٨.
(٢) التفسير والمفسرون: ١/ ١٧٥.


الصفحة التالية
Icon