عنا، فجعل الرجل يخبر أخاه وصديقه، ويقول: اكتم عني، فأشيع في عسكرهم، ولم يكتم منهم إلّا رجلان: يوشع بن نون، وطالب بن يوحنا، وهما اللذان أنزل الله فيهما: (قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ) (١).
ثم ينقل ابن جرير عن مجاهد أن عنقود عنبهم لا يحمله إلا خمسة أنفس، بينهم في خشبة، ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبها خمسة أنفس وأربعة!! (٢)
ويلحق في هذا قصة محشوة بالأباطيل والإسرائيليات، وهي قصة:
عوج بن عوق.
ذكر المفسرون: أنه كان طوله ثلاثة آلاف ذراع، وأنه كان يمسك الحوت، فيشويه في عين الشمس، وأن طوفان نوح لم يصل إلى ركبتيه، وأنه امتنع عن ركوب السفينة مع نوح، وأن موسى كان طوله عشرة أذرع وعصاه عشرة أذرع، ووثب في الهواء عشرة أذرع، فأصاب كعب عوج فقتله، فكان جسرا لأهل النيل سنة و.. !!!
فهل يسمى هذا تفسيرا للقرآن وهو يخالف القرآن ذاته؟!
وذلك كلام الله في القرآن وهو يحدثنا عن دعاء نوح على قومه:
(رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٣) ثم يحدثنا عن مصارع الكافرين جميعا: (فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١١٩) ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ) (٤).
ومعلوم أن الله أغرق ابن نوح لأنه عاند وتكبّر ورفض الركوب مع المؤمنين، وهذا ما أكّده القرآن في عدة مواضع، منها قوله تعالى:
(٢) تفسير الطبري: ٦/ ١١٢.
(٣) نوح: ٢٦.
(٤) الشعراء: ١١٩ - ١٢٠.