أن يكونوا قد رجعوا إلى النبي ﷺ في كل لفظ منه.
وأما الدليل الرابع: فلا يدل أيضا، لأن وفاة النبي ﷺ قبل أن يبيّن لهم آية الربا لا تدل على أنه كان يبيّن لهم كل معاني القرآن، فلعل هذه الآية كانت مما أشكل على الصحابة، فكان لا بد من الرجوع فيها إلى النبي ﷺ شأن غيره من مشكلات القرآن.
مناقشة أدلة الفريق الثاني:
وأما استدلال أصحاب الرأي الثاني بحديث عائشة رضي الله عنها، فهو استدلال باطل، لأن الحديث منكر غريب، لأنه من رواية محمد بن جعفر الزبيدي، وهو مطعون فيه.
قال البخاري: لا يتابع في حديثه، وقال الحافظ أبو الفتح الأزدي:
منكر الحديث، وقال فيه ابن جرير الطبري: إنه ممن لا يعرف في أهل الآثار.
وعلى فرض صحة الحديث فهو محمول- كما قال أبو حيان- على مغيبات القرآن.
وتفسيره لمجمله، ونحوه مما لا سبيل إليه إلا بتوفيق من الله، وفي معناه ما قاله ابن جرير وابن عطية (١).
وأما الدليل الثاني: فلا يدل أيضا على ندرة ما جاء عن النبي ﷺ في التفسير، إذ أن دعوى إمكان التفسير بالنسبة لآيات قلائل، وتعذره بالنسبة للكل غير مسلمة، وأما ما قيل من أن النبي ﷺ لم يؤمر بالتنصيص على المراد في جميع الآيات لأجل أن يتفكر الناس في آيات القرآن، فليس بشيء، إذ أن النبي ﷺ مأمور بالبيان، وقد يشكل الكثير على أصحابه فيلزمه البيان، ولو فرض أن القرآن أشكل كله على الصحابة ما كان للنبي ﷺ أن يمتنع عن بيان كل آية منه، بمقتضى أمر

(١) للتوسّع: البحر المحيط: ١/ ١٣، الجامع لأحكام القرآن: ١/ ٣١.


الصفحة التالية
Icon