والنفوس المريضة، والشكّاكة، تثور وتعترض، وتزداد غيا على غيّها إن حرّر إليها (مثل) يجبهها، ويسفّه تصرفاتها، ويبديها لدى الناظرين بصورتها الحقيقيّة، كي ترعوي، ويحذرها من حولها.
فمن أجل معالجة النفوس بشتى ألوانها، أكثر القرآن ضرب الأمثال- تربية وإرشادا- فكانت لونا من ألوان الهداية الإلهية، تهدي وتحضّ على الخير، وتحجز عن الآثام والشرور.
الوظائف التربويّة لضرب الأمثال
وكثر ما تناولت الأمثال من مواطن حساسة، فركّزت على أصول العقائد، وقوانين الأخلاق، ورسوم الآداب، فمثلت الإيمان، والكفر، والنفاق. ونادت بالخير، وندّدت بالشرّ، وصورت الطيب بأبهى صورة، والخبيث بأقذرها.
وفوق هذا كله، أبرزت المعقول في صورة مجسّمة، وألبست المعنوي ثوب المحسوس، وفصّلت المجمل، وأوضحت المبهم، ما من شأنه أن تهذّب الطباع، وتقلّم الغرائز المنحرفة، وتخفف من غلواء النفوس، وتحدّ من ضراوتها.