٤ - الوقف الاختياري: يكون الوقف اختياريا إذا قصده القارئ بمحض إرادته من غير عروض سبب خارجي. وهذا الوقف الاختياري هو محل دراستنا في هذا الموضع.
حكمه: جائز ما لم يوجد ما يوجبه أو يمنعه. وعلينا أن نعلم أنه ليس في القرآن وقف واجب شرعا بحيث لو تركه القارئ يأثم، كما أنه ليس هناك أيضا وقف حرام شرعا بحيث لو فعله القارئ يأثم إلا ما أفسد المعنى. فعلى القارئ حينئذ أن يتجنبه، فإن توخى الوقف عليه متعمدا أثم ولا شك، لما يترتب على ذلك من عدم إيضاح المعنى، أو إيهام غيره مما ليس مقصودا من كلام الله تعالى وقد أشار «ابن الجزري» إلى ذلك قائلا:
ليس في القرآن من وقف وجب... ولا حرام غير ما له سبب
وعلى كل قارئ أن يعي معنى ما يقرؤه من الآيات لأن فهم المعنى يعينه على اختيار أماكن الوقف الصحيحة، ويزيد من قدرته على التمييز بين أنواعه، اللازم منها، والجائز، والممتنع، فحسن الوقف والابتداء من حسن التلاوة. فإن وجد القارئ أن الوصل يغير المعنى كما في (إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى... ) فعليه أن يقف، فالوقف على (يسمعون) لازم، لأنه لو وصل اشترك الموتى مع الذين يسمعون في صفة الاستجابة ففسد المعنى بهذا الوصل القبيح، لأن كلمة الموتى مبتدأ، وخبره يأتي بعده (يبعثهم الله). وكما غير الوصل المعنى المراد في ذلك الموضع وأشباهه، قد يغير الوقف أيضا المعنى في بعض المواضع وقد يوهم معنى غير ما أراده الله تعالى كالوقف
على قوله إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي فعلى القارئ أن يصل فلا يقف لأن ذلك يعد وقفا قبيحا يتولد عنه معنى بشع.


الصفحة التالية
Icon