قيام الليل الوارد فى قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا [المزمل ١ - ٣].
قال الرازى (١) فى المسألة الأولى إن قيام الليل كان فريضة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لقوله «قم الليل» وظاهر الأمر للوجوب ثم نسخ، واختلفوا فى سبب النسخ على وجوه، أولها: أنه كان فرضا قبل أن تفرض الصلوات الخمس ثم نسخ بها، ثانيها: أنه تعالى لما قال قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا فكان الرجل لا يدري كم صلى، وكم بقى من الليل، فكان يقوم الليل كله مخافة أن لا يحفظ القدر الواجب، وشقّ عليهم ذلك حتى ورمت أقدامهم وسوقهم، فنسخ الله تعالى ذلك بقوله فى آخر السورة فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وذلك فى صدر الإسلام، قال ابن عباس: كان بين أول الإيجاب وبين نسخه سنة، وكذلك قالت عائشة رضى الله عنها (٢)، قال فى الإيضاح (٣):
«وأكثر الناس على أن الناسخ لفرض قيام الليل فى سورة المزمل قوله تعالى فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل: ٢٠] مع ما قبل ذلك وما بعده».
وقال ابن عباس- رضى الله عنه- سقط عن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قيام الليل، وصارت تطوعا، وبقى ذلك فرضا على رسول الله، ثم ذكر الله تعالى الحكمة من هذا النسخ فقال تعالى عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ

(١) الرازى: التفسير الكبير ٣٠/ ١٧٢.
(٢) السيوطى: لباب النقول ٢٢٢
(٣) مكى بن أبى طالب: الإيضاح ٢٩٥.


الصفحة التالية
Icon