رمضان، فلو كان هذا الصوم هو صوم رمضان، لكان ذلك تكريرا محضا من غير فائدة وأنه لا يجوز.
الوجه الثالث: أن قوله تعالى فى هذا الموضع- وعلى الذين يطيقونه فدية- يدل على أن الصوم واجب علي التخيير، يعنى إن شاء صام، وإن شاء أعطى الفدية، وأما صوم رمضان فإنه واجب على التعيين، فوجب أن يكون صوم هذه الأيام غير صوم رمضان.
أما القول الثانى فى هذه الأيام المعدودات، وهو قول أكثر المحققين واختيارهم، كابن عباس والحسن وأبى مسلم، أن المراد بهذه الأيام المعدودات: شهر رمضان وقالوا فى تقريره أنه تعالى قال أولا كتب عليكم الصيام- وهذا محتمل ليوم ويومين وأيام ثم بينه بقوله- أياما معدودات- فزال بعض الاحتمال ثم بينه بقوله- شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن- فعلى هذا الترتيب يمكن جعل هذه الأيام بعينها شهر رمضان، وإذا أمكن ذلك فلا وجه لحمله على غيره، ولا وجه لإثبات النسخ فيه، لأن كل ذلك زيادة لا يدل اللفظ عليها، فلا يجوز القول به.
وقال الرازى بعد أن فند حجج أصحاب الرأى الأول، واعلم أن على كلا القولين، لا بدّ من تطرق النسخ إلى هذه الآية، فعلى القول الأول فالنسخ فيها ظاهر، أى نسخت الآية صيام عاشوراء أو غيره، تطوعا كان أو فرضا أو واجبا، فتكون الآية قد نسخت سنة كانت ثابتة، والناسخ هو قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ، وتكون من نسخ الكتاب للسنة (١) وهو نسخ إلى بدل أثقل.
والقول الثانى: يقتضى (٢) أن صوم رمضان كان واجبا مخيرا،
(٢) الرازى: التفسير الكبير ٥/ ٧١.
- المحصول ١/ ٣/ ٥١٠.