والآية التى بعدها تدل على التعيين قوله تعالى فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وتكون هذه الآية ناسخة، لقوله وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ وهى منسوخة، وفيه إشكال وهو أنه كيف يصح أن يكون قوله- فمن شهد منكم الشهر فليصمه ناسخا، للتخيير مع اتصاله بالمنسوخ وذلك لا يصح، والجواب عن الإشكال عند الرازى إن الاتصال فى التلاوة لا يوجب الاتصال فى النزول وهذا كما قاله الفقهاء فى عدة المتوفى عنها زوجها (١)، أن المقدم فى التلاوة هو الناسخ والمنسوخ متأخر، وهذا ضد ما يجب أن يكون عليه حال الناسخ والمنسوخ، وهو موجود فى القرآن الكريم.
قال فى الإيضاح (٢) الأشهر والمعول عليه فى هذه الآية أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: ١٨٤]، إنها منسوخة بقوله تعالى شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة: ١٨٥] فالناسخ والمنسوخ من القرآن، وهو كما قال الرازي صوم رمضان نسخ ما ثبت قبله من صيام عاشوراء أو غيره فهو نسخ للسنة بالقرآن، وشهود الشهر ناسخ للتخيير فى الصيام أو دفع الفدية، وهو نسخ قرآن بقرآن، فالرازى يعدها من نسخ القرآن للسنة الثابتة.
(٢) مكى بن أبى طالب: الإيضاح ١٢٥.