خامسا: نسخ صدقة النجوى للرسول- صلّى الله عليه وسلّم:
وقد وردت فى قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المجادلة: ١٢].
قال الرازى: ظاهر (١) الآية يدل على أن تقديم الصدقة قبل مناجاة الرسول كان واجبا، لأن الأمر للوجوب، ويتأكد ذلك فى آخر الآية- فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم- فإن ذلك لا يقال إلا فيما بفقده يزول وجوبه، على أنهم اختلفوا فى مقدار تأخر الناسخ عن المنسوخ، فقال الكلبى: ما بقى ذلك التكليف إلا ساعة من النهار ثم نسخ.
وقال مقاتل وابن حبان: بقى ذلك التكليف عشرة أيام ثم نسخ، وذلك لقول على بن أبى طالب: إن فى كتاب الله تعالى لآية ما عمل بها أحد قبلى، ولا يعمل بها أحد بعدى، كان لى دينار، فاشتريت به عشرة دراهم، فكلما ناجيت الرسول قدمت درهما بين يدى نجواى، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد. وكانوا قبل نزول الرخصة، قد أحجموا عن مناجاة الرسول، فلم يناجه أحد حتى نزلت الآية الناسخة (٢) بالرخصة لهم، قال الرازى (٣) فى قوله- فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم- فالمراد الفقراء، وهذا يدل على أن من لم يجد ما يتصدق به كان معفوا عنه، وأما الناسخ للآية فهو قوله

(١) الرازى: التفسير الكبير ٢٩/ ٢٠.
(٢) السيوطى: لباب النقول ٢٠٧.
(٣) الرازى: التفسير الكبير ٢٩/ ٢٧٢.


الصفحة التالية
Icon