سادسا: نسخ العدد فى الجهاد أو التخفيف
وقد ورد ذلك الأمر فى قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ [الأنفال: ٦٥].
قال الرازى (١): اتفقت الأمة على جواز نسخ القرآن ودليله أن الله تعالى أمر بثبات الواحد للعشرة فى الآية السابقة ثم نسخ ذلك بقوله: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: ٦٦].
قال الرازى (٢) قوله تعالى: «إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين».
١ - ليس المراد من الآية الخبر، بل المراد الأمر كأنه قال- إن يكن منكم عشرون- فليصبروا وليجتهدوا فى القتال حتى يغلبوا مائتين، والذى يدل على أنه ليس المراد من الكلام الخبر وجوه:
أولها: لو كان المراد منه الخبر، لزم أن يقال إنه لم يغلب قط مائتان من الكفار عشرين من المؤمنين، ومعلوم أنه باطل، الوجه الثانى:
أنه قال فى الآية الثانية- الآن خفف الله عنكم- والنسخ هنا أليق بالأمر منه بالخبر، الوجه الثالث: قوله من بعد- والله مع الصابرين- وذلك ترغيبا في الثبات على الجهاد، فثبت أن المراد من هذا الخبر هو الأمر، وإن كان وارد بلفظ الخبر كقوله تعالى:
(٢) الرازى: التفسير الكبير ١٥/ ١٩٢.