وعن أكل كل ذى مخلب من الطير» (١).
ورد عليهم الرازى بقوله فى التفسير: إنه لما ثبت بمقتضى هاتين الآيتين: آية سورة الأنعام السابقة، وآية سورة البقرة: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة: ١٧٣] (٢) حصر المحرمات فى هذه الأربعة، كان هذا اعترافا بحل ما سواها، فالقول بتحريم شىء خامس فى الحديث أو الآيات الأخرى يكون نسخا، ولا شك أن مدار الشريعة على أنه الأصل عدم النسخ، لأنه لو كان احتمال طريان الناسخ معادلا لاحتمال بقاء الحكم على ما كان، فحينئذ لا يمكن التمسك بشيء من النصوص فى إثبات شىء من الأحكام لاحتمال أن يقال: إنه وإن كان ثابتا إلا أنه زال، ولما اتفق الكل على أن الأصل عدم النسخ، وأن القائل به، والذاهب إليه هو المحتاج إلى الدليل، علمنا فساد هذا السؤال وأن الآية لا نسخ فيها، ثم علل ذلك بقوله إن الآيتين مبالغة فى أنه تعالى لا يحرم سوى هذه الأربعة، وكذلك- إنما- تصريح بحصر المحرمات فى هذه الأربعة، والقول غير ذلك يكون دفعا لهذا الذى ثبت بمقتضى هاتين الآيتين، أنه كان ثابتا فى أول الشريعة بمكة وفى آخرها بالمدينة، وأن تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد جائز لديكم وأما هنا فى الآية فنسخ القرآن وهو متواتر بخبر الآحاد لا يجوز، وعليه فلا نسخ فى الآية بالحديث النبوى الذى ادّعى الظاهرية النسخ به للآية، ثم قال فى المحصول (٣) «وأما قوله تعالى:- قل لا أجد- من سورة الأنعام

(١) أخرجه أصحاب الكتب الستة عن أبى ثعلبة وعن ابن عباس.
(٢) الرازى: التفسير الكبير ١٣/ ٢١٨.
(٣) الرازى: المحصول: ١/ ٣/ ٥٠٥.


الصفحة التالية
Icon