وأما ما قيل عن تفسيره، فيه كل شىء إلا التفسير، فقد قالوا أيضا فيه كل شىء مع التفسير، ردا على من زعم هذا، قال عبد العزيز المجدوب «وأما ابن تيمية فتحامله ناشئ عما بينه وبين الرازى من اختلاف مذهبى واضح، فمذهبه سلفى حنبلى أما الرازى فأشعرى شافعى» (١) ثم يذكر المؤلف أن ابن تيمية على الرغم من نقده للرازى تأثر به وأخذ بأسلوبه فى المناظرة والكتاب، ولقد مهد الرازى الطريق أمام ابن تيمية وغيره من العلماء فى طرق الدفاع عن الدين وتفنيد حجج المعارضين.
ولقد مدح الرازى ودافع عنه السبكى (٢) فى طبقاته، وابن حجر العسقلانى (٣) فى لسانه كثيرا، ذاكرين له فضله، وسبقه وثقته وعلمه مهما قيل عنه أو رمى به.
وعظ الرازى مرة عند السلطان شهاب الدين الغورى فقال: يا سلطان العالم، لا سلطانك يبقى، ولا تلبيس الرازى يبقى، وقرأ قوله تعالى: لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ [غافر:
٤٣] فأبكى السلطان ومن حوله من وعظه.
ولم يكن الرازى متعصبا لرأى بل دافع عن عقيدة أهل السنة والجماعة بالبراهين الواضحة، والأدلة القاطعة التى جعلت أصحاب الفرق المختلفة يندثرون شيئا فشيئا، ولما أعيتهم المناقشة وأعجزتهم الحجة سموه أو دسوا من يضع له سما حتى يتخلصوا منه كلية، بعد
(٢) السبكى: طبقات الشافعية ٨/ ٨١ - ٩٦.
(٣) ابن حجر العسقلانى: لسان الميزان ٤/ ٤٢٦ - ٤٢٩.
- محمد عبد الرحمن المغراوى: المفسرون ٢/ ٤٧.