لشرع من كان قبله من الرسول بدليل قوله تعالى: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [المائدة: ٤٨]. وقوله تعالى: ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الجاثية: ١٨].
فالملل والشرائع كلها متفقة فى أنها عبادة لله، وطاعة له وهى مختلفة فى الهيئة والعدد والرتبة، وكذلك الناسخ والمنسوخ كله عبادة لله وطاعة له، وفرض منه علينا وفعله كله طاعة لله على ما رتبه، وأمر به فى أزمانه وأوقاته وإن كان مختلفا فى الهيئة والصفة، ولأجل ما أراد الله تعالى من النسخ للرفق بعباده والصلاح لهم أنزل القرآن شيئا بعد شىء، ولم ينزله جملة واحدة، لأنه لو نزل جملة واحدة لم يجز أن يكون فيه ناسخ ولا منسوخ، إذ غير جائز أن يقول فى وقت واحد: افعلوا كذا، ولا تفعلوا كذا، لذلك الشيء بعينه».
ومن هنا يتساءل الإنسان، فما الحكمة من الناسخ والمنسوخ فى قصة إبراهيم وولده إسماعيل- عليهما السلام-، حينما أمره الله تعالى بذبحه ثم فداه؟!
يجيب صاحب الإيضاح على هذا السؤال بقوله: فمن كتاب الله تعالى أن الله أمر إبراهيم- عليه السلام- بذبح ابنه ليبتليه ويختبر طاعته، ويثيبه اختبارا موجودا لتقع عليه المجازاة، وقد علم الله


الصفحة التالية
Icon