مقدم فى النظم على المنسوخ (١) على رأى الجمهور.
ومن هنا فالنسخ: إبطال الحكم الشرعى المتقدم بحكم شرعى آخر متأخر عنه، مع بقاء الآيتين فى النظم القرآنى حجة للبشر، وإثباتا لقدرة الله تعالى على المحو والإثبات ورفع الدرجات، وتذكيرا بنعمة الله على خلقه فى تيسيره عليهم.
قال الرازى فى المحصول:- والأولى أن يقال: «النسخ طريق شرعى يدل على أن مثل الحكم الذى كان ثابتا بطريق شرعى لا يوجد بعد ذلك، مع تراخيه عنه على وجه لولاه كان ثابتا» (٢).
وزاد الأرموى فى الحاصل من المحصول:-
«والأجود فى تعريف النسخ هو طريق شرعى يبين انتهاء حكم شرعى ثبت بطريق شرعى مع تراخيه عنه» (٣).
وهذا ما اتفق عليه الجمهور، ودافع عنه الرازى فى وقوع النسخ ووجوده، ولا مانع منه عقلا ولا شرعا بل هو الصواب وما عداه لا ينظر إليه، وهو مردود على أصحابه بأدلة ثابتة صريحة، ولكن خلاصة الرأى الثانى يمثله أبو مسلم الأصفهانى الذى رفض وجود النسخ فى الشريعة الإسلامية عموما، مستندا إلى قوله تعالى: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ
بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ
[فصلت:
٤٢]. ومدعيا أن هذه الآية الكريمة تقرر أن أحكام القرآن لا تبطل أبدا، والنسخ إبطال للحكم، فهو لا يرد على هذه الأحكام لأنه محال أن يقع مثل ذلك فى القرآن الكريم.

(١) الزركشى: البرهان ٢/ ٨٣.
(٢) الرازى: المحصول ١/ ٣/ ٤٢٨، التفسير الكبير ٣/ ٢٢٧.
(٣) الأرموى: الحاصل ٢/ ٣/ ٦٣٨.


الصفحة التالية
Icon