يعد النسخ من القضايا المهمة فى الشريعة الإسلامية، وذلك لارتباطه بأوامر الدين ونواهيه من ناحية، وارتباطه بعقيدة المسلم من ناحية أخرى، فى أن الله تعالى هو الخالق والمغير والعالم والسميع والبصير، ولا تخفى عليه خافية أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك: ١٤] فمن خلق هذا الخلق، وجعلهم خلفاء الأرض، وجعل لهم منهجا مستقيما، وكتابا مبينا قويما، فيه أحكام هو أعلم بما يصلح عباده منها، وما لا يصلح، والزمن الذى يصلح فيه هذا الحكم، وما لا يصلح فى زمن آخر، وهو أدرى بما ينفع وما يضر، وهو القادر على أن يبدل الخلق، وهو القادر على أن يعيدهم بعد موتهم، أليس بقادر على تغيير ما ينفعهم وما يضرهم فى حياتهم، هذا منطق الصواب، وصواب النطق أن الله- تعالى- هو أعلم بمن خلق من عباده، وهو أعلم بما يصلح لهم فى الدنيا والآخرة، فإذا غيّر الله سبحانه وتعالى شيئا أو بدل أمرا، أليس له الأمر والملك؟ فلم لا نؤمن بذلك، ونريح أنفسنا من العناد ونبعد أفكارنا عن الشقاء الذى وقع فيه الذين تأولوا النصوص الصحيحة الواردة فى القرآن فى النسخ بخاصة، أو ردوها منكرين وجود النسخ، وجعلوه فى غير شريعة الإسلام، مخالفين بذلك جمهور المسلمين سلفا وخلفا فى قبول النسخ دون تعليل أو تغيير، لأنه أمر وارد بصريح النص القرآنى، وصحيح السنة النبوية، وإجماع العقلاء من المسلمين قديما وحديثا، فلا عبرة للمخالفين، ولا دليل عندهم يعلو على ما سبق من أدلة نقلية وعقلية غير ما وقعوا فيه من التأويل والتخصيص، ونفى وقوع النسخ فى الشريعة الإسلامية، وهى آراء