تلزم أصحابها متابعة الجمهور فى أن النسخ جائز عقلا وشرعا ولا منافاة بينهما ولا تعارض، فلا يسع إنسان عاقل مهما كان، أن ينكر أن الشريعة الإسلامية ناسخة لجميع الشرائع السابقة، وأن الشرائع (١) السابقة قد وقع فيها النسخ أيضا، والأدلة قد تضافرت على النسخ فى التوراة والإنجيل والقرآن الذى أصبح مهيمنا على الكتب السابقة، فى قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢) [المائدة: ٣] أى جعلته كاملا غير محتاج إلى إكمال لظهوره على الأديان كلها، وغلبته لها،
ولكمال أحكامه التى يحتاج إليها المسلمون فى الحلال والحرام والمشتبه، وفى ما تضمنه الكتاب والسنة من ذلك ما يغنى عن الرجوع إلى كتب السابقين أو أحكام شرائعهم فهى منسوخة بنزول القرآن الكريم، وأما قوله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣) [البقرة:
١٠٦] فالآية صريحة فى ثبوت النسخ فى القرآن الكريم، ووقوعه، ولكنها عبرت عنه بلفظ- الآية- ولم تعبر عنه بلفظ- من القرآن-
(٢) الشوكانى: فتح القدير ٣/ ١٣.
(٣) الزركشى: البرهان فى علوم القرآن ٢/ ٤٣.