لأن القرآن ناسخ مهيمن على كل الكتب، ولن يأتى بعده ناسخ له، وما فيه من ناسخ ومنسوخ فمعلوم وهو قليل.
وهذه الآية وحدها دليل قاطع على من يدّعى أن النسخ لا يقع فى الشريعة الإسلامية أو هو بمعنى انتهاء الحكم كما ذهب أبو مسلم الأصفهانى (١) فى القول إنه لم يقع فى القرآن نسخ مؤولا إياه بالتخصيص أو هو نقل القرآن من اللوح المحفوظ، والفرق شاسع، بين ما ذكره الأصفهانى، ورأى الجمهور فى النسخ، قال الرازى (٢) فى المحصول فى المسألة الرابعة «والنسخ عندنا واقع سمعا خلافا لليهود، فإن منهم من أنكره عقلا، ومنهم من جوزه عقلا، لكنه منع منه سمعا، ويروى عن بعض المسلمين إنكار النسخ».
فالرازى دقيق الملاحظة، لطيف العبارة قال المحقق: «وروى بصيغة التضعيف هكذا، تحوط لطيف من الرازى فكأنه لا يرى مخالفا من المسلمين فى النسخ على الحقيقة بما فى ذلك الأصفهانى، وأن الخلاف فى الموضوع لفظى» (٣)، وعلى هذا الرأى يكون أبو مسلم مع القائلين بالنسخ، ولكنه ينفصل فى عدم وقوعه فى الشريعة الإسلامية مع جوازه العقلى ووقوعه السمعى بين الشرائع المختلفة،
(٢) الرازى: المحصول ١/ ٣/ ٤٤٠.
(٣) د. طه جابر فياض العلوانى الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومحقق الكتاب.