أنواع النسخ فى القرآن عند الرازى سبق القول إن الرازى مع الجمهور فى ثبوت النسخ ووقوعه، ولكن بطريقته هو فى الاستدلال من النصوص القرآنية التى اعتمد عليها الجمهور، مجموعة بعضها إلى بعض حتى لا نترك منفذا لمعترض، أو ثغرة لمتشكك، لذلك قال فى المسألة الخامسة «اتفقت الأمة على جواز نسخ القرآن، وقال أبو مسلم: لا يجوز» (١).
ورد عليه الرازى مفندا رأيه بعدة أمثلة تثبت عدم صحة رأى أبى مسلم ومن شايعه إلى يوم الدين، وعجبا لهذا الرجل الفذ، فى الفصل السابق حدد الأدلة على وجود النسخ والآن الأمثلة التطبيقية على أنواع النسخ واحدة تلو الأخرى كما أراد لمنهجه ألا ينفذ إليه معترض إلا وفى يده البرهان على ما يقول، والحجة على ما يدعى، والأمثلة التى حددها الرازى كثيرة منها:-
المثال الأول:- أن الله تعالى أمر المتوفى عنها زوجها بالاعتداد حولا فى قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة: ٢٤٠]. ثم نسخ ذلك بأربعة أشهر وعشر فى قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ
- الرازى: التفسير الكبير ٣/ ٢٢٩ وهى المسألة السادسة