والاحتياج ظاهر، وهذا ما قرره صاحب نهاية السول (١)، وغيره من جواز نسخ الشيء قبل مضى وقت فعله مخالفين بذلك المعتزلة فى عدم قبولهم لهذا النوع من النسخ.
٩ - النوع التاسع نسخ الخبر
عند الرازى (٢): قال فى المسألة العاشرة من المحصول: «الخبر إما أن يكون خبرا عما لا يجوز تغيره كقولنا- العالم محدث- وذلك لا يتطرف إليه النسخ». قال الشوكانى (٣):
إن كان مدلول الخبر مما لا يمكن تغيره بأن لا يقع إلا على وجه واحد، كصفات الله تعالى، وخبر ما كان من الأنبياء، والأمم السابقة وآياتها، وخبر المسيح الدجال، والجنة والنار وخلق السماوات والأرض والحساب والعقاب، فلا يجوز نسخه بالاتفاق، لأن نسخه يفضى إلى الكذب، وهذا محال.
قال الرازى: إذا كان الخبر عما يجوز تغيره، وهو إما أن يكون ماضيا أو مستقبلا، والمستقبل إما أن يكون وعدا ووعيدا أو خبرا عن حكم، كالخبر عن وجوب الحج يجوز النسخ فى الكل، وقال أبو على وأبو هاشم: لا يجوز النسخ فى شىء منه وهو قول أكثر المتقدمين» فالجمهور يجيزون نسخ الأخبار التى يتغير حكمها، فهى قريبة من الأمر والنهى، وإن كانت المعتزلة (٤) لا تجيزه، وكذلك المتقدمون فى عدم جواز نسخ الأخبار بنوعيها، والرازى مع الجمهور.

(١) الإسنوى: نهاية السول ١/ ٥٩٣.
(٢) الرازى: المحصول ١/ ٣/ ٤٨٦.
(٣) الشوكانى: إرشاد الفحول ٢/ ٨٠١.
- مكى بن أبى طالب: الإيضاح ٥٧.
- الإسنوى: نهاية السول ١/ ٦٠.
(٤) أبو الحسين محمد بن على الطيب: المعتمد فى أصول الفقه ١/ ٤١٩.
- الأرموى: الحاصل ٢/ ٦٥٣.


الصفحة التالية
Icon