غير واقع فى السمع عند الأكثرين، خلافا لبعض أهل الظاهر، الذين يقولون إنه يجوز تخصيص المتواتر بالآحاد، فجار نسخه به والجامع بينهما دفع الضرر المظنون، وقد وقع نسخ الكتاب بأخبار الآحاد من وجوه، فالآحاد دليل من أدلة الشرع عند الظاهرية:
١ - قوله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الأنعام: ١٤٥]. قال الظاهرية: الآية منسوخة بما روى بالآحاد أن النبى صلّى الله عليه وسلّم: «نهى عن أكل كل ذى ناب من السباع» (١).
٢ - قوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً [النساء: ٢٤] فإنها منسوخة بما روى بالآحاد أن النبى- صلّى الله عليه وسلّم- قال: «لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها» (٢) - ثم سرد الأدلة (٣) التى يحتج بها الظاهرية فى نسخ الآحاد للمتواتر ورد عليها واحدة تلو الأخرى، مفندا رأى الظاهرية، فقال عن الآية الأولى إنها مخصصة بآية سورة البقرة إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَ
(٢) الترمذى بشرح ابن العربى ٣/ ٤٢٣ ك النكاح باب ما جاء فى المرأة وعمتها، رواه أبو هريرة، وقال الترمذى حسن صحيح.
(٣) الرازى: المحصول ١/ ٣/ ٥٠٠، ٥٠٥.