بيانها، والآية الثانية أخبر الله تعالى فيها بأنه هو الذى يبدل الآية بالآية، وهذا وغيره يدل على أن القرآن لا تنسخه السنة (١).
ورد الرازى عليه (٢) قائلا: إن ليس فى الآية أن ذلك الخير يجب أن يكون ناسخا، بل لا يمتنع أن يكون ذلك الخير شيئا مغايرا للناسخ، يحصل بعد حصول النسخ، وهذا الخير مرتب على نسخ الآية الأولى، وكذلك المراد بالإتيان- نأت بخير منها- شرع الحكم وإلزامه، والسنة فى ذلك كالقرآن فى أن المثبت لهما هو الله تعالى، وكذلك النسخ لا ينافى البيان، لأنه تخصيص للحكم بالأزمان، كما أن التخصيص للحكم بالأعيان، وأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لا ينسخ شيئا إلا بوحى ولا تدل الآيات على أن الوحى لا يكون إلا قرآنا إذا وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى [النجم: ٣ - ٤] فالقرآن وحى والسنة وحى، فلا مانع من نسخ أحدهما بالآخر كما ذكر الرازى، وهذا يدل صراحة على أن الرازى يوافق الجمهور فى أقسام النسخ ويخالف الشافعى- رضى الله عنه- ومن وافقه فى رفض نسخ القرآن بالسنة أو العكس، وقد حدد الرازى فى بداية المسألة السنة التى تنسخ القرآن وهى المتواترة، وجعلها قيدا فى عنوان المسألة يخرج ما عداها من الآحاد، فقد أجمعوا على أنه لا ينسخ القرآن، فالسنة المتواترة وحى تنزل به جبريل- عليه السلام- على الرسول صلّى الله عليه وسلّم-، كما ينزل عليه بالآية من القرآن، وهذا يبرر نسخ أحدهما الآخر لكونهما وحيا من عند الله تعالى، فالدليل على المسألة يرد حجج المخالفين، والواقع من نسخ القرآن بالسنة يدل على رأى
(٢) الرازى: التفسير الكبير ٣/ ٢٣٢.