موسى، والنصارى؛ وهم أتباع عيسى، والصابئون؛ الخارجون من الكفر إلى الإسلام، من آمن، أي: من دام منهم على الإيمان.
والثاني: إن الذين آمنوا بألسنتهم وهم المنافقون، والذين هادوا؛ وهم اليهود، والنصارى والصابئون؛ وهم كفار أيضا، من آمن؛ أي: من دخل في الإيمان بنية صادقة.
والثالث: إن المعنى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة: ٦٢] ومن آمن من الذين هادوا، فيكون قوله بعد هذا: من آمن راجعا إلى المذكورين مع الذين آمنوا، ومعناه: من يؤمن منهم. وعلى هذه الأقوال الثلاثة لا وجه لادّعاء نسخ هذه الآية.
وقد قيل: إنها منسوخة بقوله: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران: ٨٥].
[١٥] (١) - فأخبرنا المبارك بن علي الصيرفي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن قريش، قال: أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الوراق، قال: حدّثنا أبو بكر بن أبي داود، قال: حدّثنا يعقوب بن سفيان قال:
حدّثنا أبو صالح، قال: حدّثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ الآية. قال:
فأنزل الله تعالى بعد هذه الآية وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ.
قلت: فكأنه أشار بهذا إلى النسخ وهذا القول لا يصح لوجهين (٢):
الأول: أنه إن أشير بقوله: وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى إلى من كان تابعا لنبيه قبل أن يبعث النبي الآخر، فأولئك على الصواب. وإن أشير إلى من كان في زمن نبينا صلّى الله عليه وسلّم، فإن من ضرورة من لم يبدل دينه ولم يحرف أن يؤمن بمحمد صلّى الله عليه وسلّم ويتبعه.
والثاني: أن هذه الآية خبر والأخبار لا يدخلها النسخ.
ذكر الآية الثالثة
: قوله تعالى: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ [البقرة: ٨١].
تقدم أن علي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس.
(٢) انظر «الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه» لمكي بن أبي طالب (ص ١٢٣ - ١٢٤) و «صفوة الراسخ» (ص ٤١).