تشبه الصلة الشعورية بين الزوج وزوجته، كما أن أنواع النبات الطالع من حرث الزارع وبذره، تشبه حرث الزوج وما ينتج عنه من أولاد، مع ملاحظة التنوّع في الزروع في الأشكال والألوان، والأرض واحدة، والتنوّع في أشكال الأولاد وألوانهم وأمهم واحدة. كما أن حالة السعادة لدى الزارع في التنويع والتعمير والتكثير. تتشابه مع حالة الإنسان في ذلك.
فالصورة تلامس الحس والنفس معا، في تعبير موجز مصوّر.
وتعبر صور أخرى عن المعنى نفسه ولكن في سياق مختلف يقول تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ... البقرة: ٢٢٢.
والصور هنا تنقل المعنى أو الحكم الفقهي، بألفاظ رقيقة مهذبة، تجنح إلى التصوير والتلميح بدلا من التعبير المباشر الصريح.
وفي حالة الاعتكاف في المساجد، ينهى عن المباشرة لهنّ، لا لأنه أذى وإنما للدلالة على حرمة الاعتكاف في المساجد، فاقتضى السياق النهي عن المباشرة وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ البقرة: ١٨٧.
ويصور المعنى الواحد- أحيانا- بصورة واحدة متكررة. وفي أنساق مختلفة. ولكنها تقتضي هذه الصورة دون غيرها مثل تصوير العلاقة الزوجية ب «المس» كقوله تعالى: لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ البقرة: ٢٣٦، وقوله أيضا: مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ البقرة: ٢٣٧، وكذلك على لسان مريم في قوله تعالى: قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ آل عمران: ٤٧. وتكرار هذه الصورة الكنائية، يقتضيها السياق الواردة فيه فالمرأة المطلقة يجب لها الصداق كاملا بأدنى درجات المعاشرة ولو مسّا، كما توحي به الصورة، وكذلك مريم تستبعد أن يكون لها ولد، ولم تكن هناك أدنى حدود المعاشرة.
ويصوّر المعنى أيضا ب «التغشية» للتذكير بالملاطفة المطلوبة بين الزوجين فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ الأعراف: ١٨٩، وهذه الصورة ترد في سياق الالتقاء الأول، فاقتضى ذلك التذكير بالملاطفة ونحوها، كمقدمات للعلاقة بين الاثنين.
وصورة الهجر في المضاجع، ترد في سياق نشوز المرأة وتعاليها على زوجها وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ النساء: ١٣٤.