والأعمال التي لا قيمة لها، وهي أعمال الكافرين لأنها تقوم على الباطل.
وصورة «الحبوط» الحسية تعبر عن بطلان الأعمال للكافرين، وهي كثيرة الورود في التعبير القرآني للدلالة على هذا المعنى يقول الله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ... آل عمران: ٢٢.
ووَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ البقرة: ٢١٧.
وذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ محمد: ٢٨.
ووَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ... المائدة: ٥.
وأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ التوبة: ١٧.
ووَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ الأعراف: ١٤٧.
والحبوط في الأصل اللغوي لها تعني انتفاخ بطن البعير من رعي نبات سام، يؤدي إلى الهلاك «١٥».
وهنا نلاحظ العلاقة والتشابه بين المدلول الحسي للكلمة، وصورة أعمال الكافرين التي تكبر، وتنتفخ في المظهر، أو الشكل كانتفاخ بطن البعير، ولكن لا قيمة لهذا الانتفاخ، لأنه ناتج عن داء، والنهاية تكون هلاك البعير، كذلك بطلان أعمال الكافرين، لأن الأساس الذي بنيت عليه غير موجود، وهو الإيمان، فالإيمان وحده، هو الذي يمنح الأعمال قيمة عند الله ووزنا.
وهكذا تستثمر الصورة الدلالة اللغوية للكلمة، للإيحاء بالمعاني الدينية، فالأعمال القائمة على الإيمان، هي الباقية والمفيدة، والأعمال النابتة من سموم الباطل، هي أعمال ضارة، ومهلكة لأصحابها يوم القيامة، وإن عظمت في الدنيا، وكبرت وانتفخت، فهذا لا يغيّر من حقيقتها شيئا ويمتدّ تصوير الأعمال في الأسلوب القرآني، في أنساق أخرى، وصور جديدة تلائمها، فهي هباء منثور في قوله تعالى: وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً الفرقان: ٢٣.
وهنا تجسّم أعمال الكافرين في صورة «القدوم» وصورة نثرها في الهواء، ويظلّ الخيال