وقوله أيضا: يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ طه: ١١٠، وقوله: ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ الأعراف: ١٧، ووَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا يس: ٩، ووَ قَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ فصلت: ٢٥.
وقريب من هذا أيضا في تصوير الإحاطة والشمول قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ المائدة: ٦٦، يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ العنكبوت: ٥٥، إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ الأحزاب: ١٠.
وصورة «إطفاء النور بالأفواه» تتكرّر في السياق القرآني للدلالة على محاولات الكافرين اليائسة في محاربة الدعوة الإسلامية، والحدّ من انتشارها. كقوله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ الصف: ٨، وهذه الصورة الحسية تثير السخرية والاستهزاء، من هؤلاء الذين ينفخون بأفواههم نور الله المنتشر في كل مكان، فيرتدون خائبين خاسرين، بعد هذه المحاولات المضحكة، المعروفة النتائج.
وقريب من هذه الصورة، صورة أخرى تتفاعل معها في التعبير عن تكذيب الرسل، والشك في دعوتهم، وما يصاحب هذا المعنى الذهني من مواقف وهيئات ساخرة وهي ردّ الأفواه بالأيدي. يقول الله تعالى: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ، وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ... إبراهيم: ٩.
وحركة ردّ الأفواه بالأيدي، صورة مألوفة لدى الناس في الإسكات والمنع من الكلام، وهي تدلّ على سوء أدبهم، وسلوكهم مع أنبياء الله.
وصورة «الخبيث والطيب» تعبّر عن الأشياء التي يحبّها الله سبحانه، والأشياء التي يكرهها، وصورة الخبيث في الحياة صورة كريهة منفّرة، وصورة الطيب محبّبة مطلوبة.
وتتقابل الصورتان في السياق القرآني لتتضح الفوارق الكبيرة بين الصورتين في الدلالة والأثر، والمضمون والجوهر. يقول الله تعالى: قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ المائدة: ١٠٠.
فهذه الصورة للطيب والخبيث، صورة ممتدة في إيحائها، لتشمل كل المعاني المتعلقة بالمكاسب والأعمال والناس والعلوم... فالخبيث مكروه مذموم، ولو كان طاغيا وكثيرا، والطيب