وقد يعني المثل معاني أخرى ذكرها العلماء، منها «الوصف» وقد ورد هذا المعنى في قول الزمخشري المتقدم وهو: «وقد استعير المثل للقصة أو الصفة إذا كان لها شأن وفيها غرابة» «٦».
والفيروزآبادي أورد للمثل عدة معان، هي الحجة والحديث والصفة، يقول: «والمثل محركة الحجة والحديث والصفة» «٧»، وقد فهم الزركشي من ظاهر كلام اللغويين أن المثل هو الصفة «٨» فقوله تعالى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ أي وصف الجنة. وقوله تعالى في الصحابة مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ أي وصفهم فيها.
وقد يراد بكلمة المثل: النموذج، أو نوع من الأنواع أو عمل من الأعمال أو سنة من سنن الله «٩».
كما أورد ابن منظور أيضا المثل بمعنى المثال في قوله: «والمثل ما جعل مثالا أي مقدارا لغيره يحذى عليه» «١٠»، وعلى ضوء هذا المعنى، يمكن أن نفهم المقصود بقوله تعالى: وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ الزمر: ٢٧. فالتعميم هنا في لفظ المثل يراد به ذكر النماذج لكل نوع ليقاس عليها.
فالله سبحانه ضرب أمثالا بقصص الأولين، وما جرى لهم من أحداث، فقصصهم أمثال ونماذج، يقاس عليها الأشباه والنظائر، بمقتضى التشابه بين أفراد النوع البشري، أو استمرار سنن الله في الكون والحياة. وقد حاول الزركشي وهو من المتأخرين، أن يترجم لأقوال سابقيه، ويجمع أقوالهم بقوله: «ولما كان المثل السائر فيه غرابة، استعير لفظ المثل للحال أو الصفة أو القصة، إذا كان لها شأن وغرابة» «١١».
وعلى ضوء هذه الآراء يمكن أن يكون المثل القرآني، قد استعير لكل شأن مهم أو حدث غريب أو قصة أريد بها العظة والعبرة، أو لكل وصف لم يعرفه العرب من قبل، أو لكلّ معنى
(٧) القاموس المحيط: مادة مثل.
(٨) البرهان في علوم القرآن: ١/ ٤٩٠.
(٩) الأمثال القرآنية: عبد الرحمن حنبكة. ص ١١.
(١٠) لسان العرب: مادة مثل.
(١١) البرهان في علوم القرآن: ١/ ٤٨٨ - ٤٨٩.