أو الإيقاع الموسيقى لها. وهذا الإيقاع الموسيقى للكلمة، مرتبط بالمعنى.
وقد بلغ القرآن الكريم، حدّ الإعجاز، في الإيقاع الموسيقى للكلمات، ودلالته على المعنى الديني، وارتباطه بالصورة الفنية المرسومة. يقول الرافعي عن أصوات الحروف «إنّما تنزل منزلة النبرات الموسيقية المرسلة في جملتها كيف اتفقت، فلا بد لها مع ذلك من نوع في التركيب، وجهة من التأليف، حتى يمازج بعضها بعضا ويتألف منها شيء مع شيء، فتتداخل خواصها، وتجتمع صفاتها ويكون منها اللحن الموسيقى، ولا يكون إلا من الترتيب الصوتي الذي يثير بعضه بعضا على نسب معلومة، ترجع إلى درجات الصوت، ومخارجه وأبعاده» «١٤».
وترتبط موسيقى الحروف بما فيها من علاقات متشابكة، مخارجها، وصفاتها وحركاتها، بنظام تكوين الكلمة المفردة، وهو نظام أكبر من نظام تآلف الحروف، وانسجامها.
ونظام المفردات في العربية، متميّز عن سائر اللغات في العالم، يضاف إلى ما قلناه عن ميزة العربية في حروفها وتفوّقها بها على سائر اللغات، من حيث استيفاؤها لجهاز النطق الإنساني، ونظام الصفات الصوتية، ونظام الحركات في تكوين حروفها، وهذا يدلّ على غناها في التوقيعات الصوتية، أو النغمات الموسيقية الصادرة عنها.
وما يقال عن تكوين الحروف، يقال أيضا عن تكوين الكلمات، لأن الناحية الموسيقية في مفردات العربية ظاهرة «كظهورها في الحروف المتفرقة أو أظهر، لأنها تضيف الموسيقية في القواعد والموسيقية في المعاني إلى الموسيقية الملحوظة في مجرد النطق أو السماع بغير معنى يتم به التخاطب بين المتكلمين» «١٥».
وتعتمد المفردات العربية في تركيبها الفني على «الوزن»، فهو قوام التفرقة بين أقسام الكلام في اللغة العربية، فالفرق بين الكلمة ومشتقاتها هو فرق بين أفعال وأسماء وصفات، وأفراد وجموع، وهو كلّه قائم على الفرق بين وزن ووزن، وقياس صوتي، وقياس مثله، إنه يتوقف على اختلاف الحركات والنبرات أي على اختلاف النغمة الموسيقية في الأداء، كما يقول العقاد «١٦».

(١٤) إعجاز القرآن: ص ٢١٣ - ٢١٤.
(١٥) اللغة الشاعرة: ص ١١.
(١٦) المصدر السابق: ص ١٢.


الصفحة التالية
Icon