بِما كانُوا يَصْدِفُونَ الأنعام: ١٥٧.
والصدف- في الأصل- ميل في الحافر أو الخفّ في الفرس أو البعير، يجعله يميل في سيره ولا يستقيم «١٨».
والقرآن الكريم يستخدم هذا اللفظ بدلالته الحسية الأصلية، ودلالته المنقول إليها، لكي يصوّر حال الذين يعرضون عن الحق، ويصدفون عنه، لآفة أصابتهم، فجعلتهم يسيرون في الحياة بانحراف وميل.
فهذه اللفظة، ترسم صورة لأولئك المنحرفين عن الحق، فيها الهيئة والحركة، من خلال اقترانها في الذهن بمعناها الحسي.
و «الصّعر» - في الأصل اللغوي- داء في البعير، يلوي عنقه منه، ثم انتقلت اللفظة من دلالتها الحسية إلى دلالة معنوية، وهي الميل بالوجه تهاونا وكبرا «١٩».
ويستثمر القرآن الكريم هذه اللفظة بدلالتها الحسية والمعنوية معا، في التحذير من صورة المتكبر المتعالي على الناس بحركة وجهه، وهيئة سيره، ونبرة صوته.
ومثل ذلك لفظ «حبط» من حبطت الناقة إذا رعت نباتا ساما، فأكثرت منه، فانتفخت بطنها، فماتت بسبب هذا الداء، ثم انتقل اللفظ من دلالته الحسية إلى دلالته المعنوية فيقال: حبط عمله إذا بطل «٢٠».
وقد استخدمت هذه اللفظة في تصوير أعمال الكافرين، التي كبرت وانتفخت، وظنّ أصحابها أنّ أعمالهم العظيمة تفيدهم، وما دروا أن هذه الضخامة في الأعمال هي مجرد انتفاخ كاذب يؤدّي إلى الهلاك، لأنه لا يقوم على الإيمان.
وكلمة لِباسٌ التي استخدمت في تصوير العلاقة بين الرجل والمرأة في قوله تعالى:
هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ.. البقرة: ١٨٧ هي في دلالتها الحسية تدل على الثوب الذي يستر الجسم، ثم تطورت دلالة اللفظة، لتحمل دلالات مجازية أخرى كقولهم: «لبّس الحقّ بالباطل، والتبس عليه الأمر، ولابست فلانا حتى عرفت دخلته أي خالطته والتبست عليه الأمور، وفي أمره

(١٨) انظر القاموس المحيط: مادة صدف.
(١٩) القاموس المحيط: مادة صعر
(٢٠) القاموس المحيط: مادة حبط.


الصفحة التالية
Icon