مقطع متكرر، للإيحاء بجوّ التدمير، بما فيه من أحداث متكررة حتى يتحقّق التدمير الكامل في النهاية.
وتطويل المقاطع في بعض المفردات القرآنية، أو كثرة حروفها، تكون مقصودة أحيانا لاستيفاء المعنى المصوّر، وذلك باستنفاد ما في الكلمة من طاقات تعبيرية وتصويرية دالّة على المعنى.
والتطويل في المفردة الواحدة، يزيد من زمن عرض الصورة أمام العيون، ويزيد أيضا من تأثيرها في النفوس.
فطول الكلمة مقطعا وحروفا، يوسّع من دائرة الصورة مكانا وزمانا، يقول جان برتيليمي في هذا المعنى: «وقد عرّف أو غسطين الموسيقى بأنها علم الحركة، والحركة تضمّ الزمن إن هي ضمّت فكرة العدد» «٢٣».
ويقول أيضا: «فالموسيقى فن تجميع النغمات بطريقة تبعث السرور إلى الأذن» «٢٤».
فالطول والقصر يرتبط بالمعنى المراد تصويره أو بالحالة أو الموقف. كقوله تعالى:
أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ هود: ٢٨، وقوله أيضا: فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ الحجر: ٢٢، وقوله أيضا: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ الأعراف: ١٨٢، وأيضا:
فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ البقرة: ١٣٧، وأيضا لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ النور: ٥٥، وقد قام الرافعي بتحليل هذه الظاهرة في المفردات القرآنية تحليلا صوتيا ضمن نظام العلاقات
بين الحروف مخرجا وصفة وحركة. فكلمة لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ مؤلفة من عشرة حروف ولكنّها رشيقة عذبة، وقد جاءت عذوبتها، من تنوع مخارج الحروف، ومن نظم حركاتها، فإنها بذلك صارت في النطق كأنّها أربع كلمات إذ تنطق على أربعة مقاطع. وكلمة فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ مؤلّفة من تسعة أحرف، وهي ثلاثة مقاطع وقد تكرّرت فيها الياء والكاف، وتوسّط بين الكافين هذا المدّ الذي هو سرّ الفصاحة في الكلمة كلّها، وبهذا اكتسبت هذه الألفاظ الطويلة في بنائها حلاوة وعذوبة وخفّة كما يقول الرافعي «٢٥».
(٢٤) المصدر السابق: نفس الصفحة.
(٢٥) إعجاز القرآن: ٢٢٩.