دون المفرد مثل أكواب وألباب، وأصواف. ولكنه لم يعلّل هذه الظاهرة تعليلا علميا على ضوء الجمال الصوتي للتعبير القرآني «٢٦».
وقد حاول مصطفى صادق الرافعي أن يقوم بتحليل هذه الظاهرة الصوتية في التعبير القرآني.
فورود كلمة «الألباب» بصيغة الجمع دون كلمة «اللبّ» المفردة «لأن لفظ الباء شديد مجتمع، ولا يفضي إلى هذه الشدة إلا من اللام الشديدة المسترخية، فلمّا لم يكن ثمّ فصل بين الحرفين، يتهيّأ منه هذا الانتقال على نسبة بين الرخاوة والشدة، تحسن اللفظة مهما كانت حركة الإعراب فيها نصبا أو رفعا أو جرا، فأسقطها من نظمه بتة على سعة ما بين أوله وآخره ولو حسنت على وجه من تلك الوجوه لجاء بها حسنة رائعة، وهذا على أن فيه لفظة (الجبّ) وهي في وزنها ونطقها، لولا حسن الائتلاف بين الجيم والباء من هذه الشدّة في الجيم المضمومة» «٢٧».
ومثل ذلك لفظة «الكوب» لم تستعمل إلا في صيغة الجمع «أكواب» وعكس ذلك لفظة «الأرض» التي لم تذكر مجموعة في القرآن الكريم. وحين اقتضى السياق القرآني جمعها أخرجها على صورة رائعة معجزة تحقّق الغرض من الجمع بدون ذكر لفظ «الأرضين» وذلك في قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ الطلاق: ١٢، لأنّ الإيقاع الموسيقى يختلّ ويضطرب بذكر لفظ الجمع «٢٨».
وسيد قطب يربط الإيقاع الموسيقى للألفاظ بالحالة النفسية، أو المعنى المراد تصويره، فليست حركات الكلمة، ومدودها، مجرد إيقاع موسيقي، يتردّد صداه في التعبير القرآني دون غرض أو فائدة معنوية، بل إنه يقوم بوظيفة أساسية في جلاء المعنى، وتوضيحه عبر هذه المؤثرات الصوتية، ففي قوله تعالى: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ فاطر: ٣٤.
يقول سيد قطب: «فالجو كلّه يسر وراحة ونعيم، والألفاظ مختارة لتتّسق بجرسها
(٢٧) إعجاز القرآن: ص ٢٣٢.
(٢٨) المصدر السابق: ص ٢٣٣.