مَزِيدٍ ق: ٣٠.
وهي قويّة تنزع الجلود من الأجسام الآدمية، وتدعو الكفار إليها نَزَّاعَةً لِلشَّوى، تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى، وَجَمَعَ فَأَوْعى المعارج: ١٦ - ١٨.
وظلّها حي، لا يستقبل أهل النار استقبال الكريم وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ، لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ الواقعة: ٤٣ - ٤٤.
وهذه الصور التشخيصية وغيرها، تتمتع بقدرة على «التكثيف» والإيجاز كما يقول الدكتور مصطفى ناصف «٥٥».
كما أنّ التشخيص يحمل شحنات نفسية أو عاطفية مثيرة، تحرّك الوجدان، بالإضافة إلى إثارته الخيال من خلال مفاجأته، بتعبير مجازي يخرج عن المألوف اللغوي، ويدفعه إلى البحث عن العلاقات بين المعنى اللغوي والمعنى المجازي، لاكتشاف المقصود. وبهذا تتحقق المتعة والإثارة في التعبير المشخّص وقد لاحظ الدكتور مصطفى ناصف أن «التجسيم والتشخيص يتعمقان بناء اللغة، وضمائرها، وأفعالها وصفاتها، التي ترد علينا ورودا طبيعيا لا شية فيه من صنعة أو أناقة» «٥٦».
فالتشخيص والتجسيم سمتان فنيتان في الصورة القرآنية.
والتجسيم الفني أنواع، فمنه ما يعتمد على تجسيم الأمور المعنوية، كتجسيم أعمال الكافرين في صورة رماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، فبعثرته يمينا وشمالا، وذلك في قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ إبراهيم: ١٨.
وقد يكون تجسيما لحالات نفسية، كقوله تعالى: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ غافر: ١٨.
وقد يكون تجسيما لحالة عقلية، كقوله تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ، وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ البقرة: ٧.
والبلاغيون القدماء لاحظوا تشبيه الأمر المعنوي بالمحسوس على وجه التشبيه والتمثيل
(٥٦) المصدر السابق: ص ١٣٦.