والظل معا» «٩٢».
فقوله تعالى: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ النساء: ٧٢ فكلمة لَيُبَطِّئَنَّ ترسم صورة التباطؤ بجرسها دون الاعتماد على الأنواع البلاغية القديمة، فهي لفظة حقيقية، ولكنها ترسم صورة من إيقاعها الموسيقى، وتعثر اللسان في نطق حروفها حتى كأنه يشدّها شدّا، وهذا الجرس الموسيقى الثقيل للكلمة يتناسق مع تصوير الحركة النفسية المصاحبة لحركة التثاقل والتعثر لهؤلاء المقصودين بالتصوير «٩٣».
ويلاحظ أيضا تلاحم الشكل بالمضمون في الصورة القرآنية حيث «يتناسق فيها التعبير مع الحالة المراد تصويرها، فيساعد على إكمال معالم الصورة الحسية أو المعنوية» «٩٤».
ويقرن الصورة الجزئية بالصورة الكلية، وتناسق الصورة مع السياق الواردة فيه في أثناء حديثه عن «التناسق الفني» ويرى تناسق الصورة القرآنية مع إطارها وإيقاعها والجوّ العام للسياق. كما تحدث عن الصورة في المشهد، والصورة في اللوحة المرسومة «٩٥». وكأنه يهدف إلى بيان الصورة الكلية المكونة من صور جزئية متحدة بعضها ببعض، وليست منفصلة كما فهمها القدماء، فهو يتحدث عن الصورة بمفهومها الحديث قبل أن تكتمل دراستها عند النقاد المعاصرين، فهو زائد من روّاد التنظير للصورة، لأنه لا يحصر الصورة القرآنية في مفهوم الجملة، كما فهمها القدماء، وإنما يتوسع فيها، مستفيدا من ثقافته الأدبية والنقدية الواسعة، في خدمة التصوير القرآني لبيان سماته وطرقه وأدواته، وسرّ إعجازه.

(٩٢) التصوير الفني: ص ٩١.
(٩٣) المصدر السابق: ص ٩١.
(٩٤) المصدر السابق: ص ٩٠.
(٩٥) المصدر السابق: ص ٨٧ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon