الكلمات، ثم الكلمات في الجمل، تكوّن جرس العبارات، ومنها يتكوّن الإيقاع العام للصورة كما سأوضح ذلك في الوظيفة الفنية، إن شاء الله.
فاللغة العربية إذن لغة تصويرية تجمع الكثير من النواحي الوجدانية والإيقاعية والتصويرية.
ولا حرج من استعمال مصطلح «الإيقاع الموسيقى» في دراسة الأسلوب الفني في القرآن، لأن القرآن جاء بلغة العرب، ويجري وفق أساليبهم في التعبير، فهو معجز ببيانه الفني، والإيقاع جزء من الأسلوب الفني.
وقد نلاحظ أن هذه المقوّمات للصورة، قد تشترك مع مقومات الصورة الأدبية عموما في الأصول التي تتشكل منها، ولكنّ مقومات الصورة القرآنية مختلفة تماما بعد ذلك عن مقومات الصورة الأدبية.
لأن الصورة القرآنية تعتمد في تشكيلها على قاعدة دينية، وتنطلق منها في عملية التشكيل، وهذه القاعدة الدينية لمواد الصورة ملحوظة في الصورة القرآنية تشكيلا ووظيفة أيضا.
ثم إن بقية مواد الصورة تنطلق من هذه القاعدة الدينية، وتطوف في أجوائها، ولا تتعداها إلى غيرها. فالفكر في الصورة القرآنية، ديني، والعاطفة دينية والخيال يطوف في أجواء دينية، ولا يتعدى هذه الأجواء، واللغة تؤدي معاني دينية، والصورة بموادها المشكّلة تهدف إلى تحقيق وظيفة دينية. فمقومات الصورة القرآنية مترابطة، متعاونة، تخضع للفكرة الدينية التي هي محورها الذي تدور من حوله.
فقانون الترابط بين مقوّمات الصورة القرآنية هو إحدى ميّزات الصورة القرآنية، حيث نرى هذا الترابط لا يتوقف عند مقومات الصورة فقط، بل إنه يرتبط أيضا بأنواع الصور في القرآن، ويتناسق معها. لإبراز هذه الخصوصية المميّزة للصورة القرآنية عن الصورة الأدبية، فهذه المقومات للصورة التي تعتمد على أساس ديني، تنعكس في أنواع الصور القرآنية، فتبرز فيها الصور القرآنية ذات الطابع الديني الواضح المعالم والسمات، وهذا أمر ينسجم مع طبيعة النص القرآني، باعتباره كتابا منزلا من عند الله، يهدف إلى تحقيق أغراض دينية عن طريق الصورة الفنية.
وبذلك يتلاحم الغرض الفني بالغرض الديني، لتحقيق الإعجاز في التصوير القرآني.